اشتعلت الصراعات المكتوبة داخل كابينة حزب المؤتمر الوطني المحلول، وخرجت إلى العلن، إثر الخلافات الجارية بين جناحي أحمد هارون وإبراهيم محمود، حول أحقية أي جناح في رئاسة الحزب وخلافة الرئيس المخلوع عمر البشير في تولي مقاليد رئاسة الحزب المحلول.
وأصدر عثمان محمد يوسف كبر، رئيس شوري الحزب بياناً شديد اللهجة ضد جناح إبراهيم محمود جاء فيه: “رصدنا بياناً متداولاً عبر الوسائط الإعلامية، وقد جاء متجاوزاً للقواعد والأعراف التنظيمية في المؤتمر الوطني وفيه الكثير من التطاول على مجلس شورى الحزب وشيء من التجني على رئيس الشورى المكلف، وقد جاء مذيلاً باسم المؤتمر الوطني دون ذكر لاسم أو جهة محددة ولكن ورد فيه ما يشير ويدل على أنه صادر من مجموعة صغيرة تعمل لاختطاف المكتب القيادي والتحدث باسمه وقد وجدت نفسي مضطراً ومرغماً للرد عليه تبييناً للحقائق”.
وأضاف كبر: “المجموعة الكبيرة من عضوية الحزب الذين يدركون جيداً آداب ومناهج وأساليب إدارة العمل التنظيمي فلهم كل الاعتذار إن لم يروا هذه المرة ما ألفوه منا دائما. فالمجموعة التي اختطفت اسم المكتب القيادي وصارت تتحدث به هم المقصودون في هذا البيان، السادة والسيدات قيادات وأعضاء الحزب لكم العتبى حتى ترضون، أجد نفسي في هذا المقام مكرها ومجبورا على الرد بهذه الطريقة وبهذا المنهج وعبر الوسائط اضطرارا، وأنتم تعلمون وأعلم كيف أننا ظللنا ندير اختلافاتنا، وترون اليوم كيف تبدّل الحال وكيف دفعنا إخوة أعزاء أن نفكر جهراً وأن نتحدث علناً في المنابر العامة بدلاً من طريقتنا المعلومة لانهم سبقونا إليها وأذاعوا اتهامات تنظيمية، خاصة في المنابر قدحت في حقنا ووجهوا لنا كأجهزة وكأفراد اتهامات لا تمت للحقيقة بصلة، وسعوا لتحميلنا وزرها ومسؤوليتها بالباطل، أحداث ليست لنا بها صلة فصرنا ليس لنا من بد إلا أن ننبري ونتقدم لتوضيح الحقائق للعامة بذات المنهج وعلى ذات المنابر التي عبرها عرضوا تلك الاتهامات والاختلافات، ولابد لنا من تفنيد ودحض الادعاءات”.
وأوضح كبر ان بيان المكتب القيادي شدد على عدم الاعتراف باجتماع الشورى المنعقد في ١٤/ نوفمبر /٢٠٢٤م وأنه لا يعترف بما صدر عنه من مخرجات وبالتالي لا يعترف بقرارات الشورى. وقال: “بلا شك يعد هذا سلوكا جديدا وشاذا، وسابقة خطيرة من بعض عضوية المكتب القيادي، ومنهجا جديدا في مسيرة ومدرسة هذا الحزب الذي أسس على الانضباط العالي، ويعتبر هذا عملا مخالفا لكل قواعد التعامل والممارسة والنظام الأساسي، بل وكل القوانين واللوائح المعلومة في الحزب، وهو في الحقيقة (تمرد وخروج على النظام) وعلى القواعد والأعراف التنظيمية والسياسية والمؤسسية. مجلس الشورى الذي تمرد عليه هؤلاء البعض من أعضاء المكتب القيادي (مختطفي المكتب القيادي) ورفضوا الاعتراف بقراراته، هو نفسه المجلس الذي انتخبهم وأنتجهم وجاء بهم من عدم ليكونوا مكتبا قياديا حسب النظام الأساسي للحزب المادة ١/١٣ منه. ذات هذا المجلس هو نفسه المسؤول عن محاسبة هذا المكتب القيادي (المختطف) الذي يرفض ويتحدى قراراته”.
ومضى في القول: “ترتيب مجلس الشورى في قائمة مراكز ومستويات السلطة في الحزب حسب النظام الأساسي المركز الثاني كما جاء في الفصل الرابع/ المادة ٧ منه مباشرة بعد المؤتمر العام، في وقت يأتي المكتب القيادي في المرتبة الرابعة في هذه القائمة وبذات المادة أعلاها. قرر هؤلاء البعض من أعضاء المكتب القيادي عدم الاعتراف باجتماع الشورى حسب ما أورده بيانهم وذلك لعدم اكتمال النصاب ولمشاركة عدد كبير في الاجتماع من غير أعضاء الشورى حسب زعمهم ولتعمد تغييب بعض من العضوية بعدم توجيه الدعوة إليهم وبعدم تمكينهم ماديا من الحضور، في المقابل تم تمكين آخرين ماديا للحضور، كل ذلك من قيادة الشورى حسب زعمهم، ثم أيضاً لعدم تشكيل لجنة للنظر في هذه الطعون، كل هذه نقاط ساقها هؤلاء النفر من أعضاء المكتب القيادي كنقاط تبرر موقفهم وللإجابة عليها أقول:
نؤكد ونثبت حق أي عضو (أكرر عضو) في مجلس الشورى أنه له حق الطعن أو الاعتراض أو الاحتياج على أي ممارسة تحرمه أو تمنعه أو تغيبه أو تعيق مشاركته لأداء واجبه أو عمله في هذا المجلس وهذا حق تكفله اللوائح والنظام الأساسي.
على الأعضاء الذين يريدون الاحتجاج أو الطعن أو الاعتراض على أي أمر في المجلس اتباع الطرق أو المناهج المعمول بها في المجلس لأخذ الحقوق وهي معلومة ولا مجال أبدا فيها لأخذ الحقوق بالقوة أو بالإضراب أو بالمقاطعة، وهذه ممارسات لا يجوز انتهاجها في هذا المجلس أو المجالس النظيرة كالبرلمان أو المجلس الوطني أو المجلس التشريعي… الخ وذلك لأن طبيعة العمل فيها دائماً بنظام الدورات وليس بالعمل اليومي كالمؤسسات التنفيذية وتعالج فيها عادةً مثل هذه القضايا في فقرة تسمى فقرة الأعمال المجلسية، تخصص لها مساحة أو في جلسة قائمة بذاتها من جلسات المجلس في الدورة المعنية ويمكن في بعض الأحيان أن تطرح مثل هذه الملاحظات أو الاحتجاجات أو الطعون في مرحلة إجازة محضر الجلسة السابقة أو الدورة السابقة وعندما تقدم هذه المحاضر للإجازة في بداية الدورة أو الجلسة ويمكن لعضو المجلس الرفض أو الاعتراض أو الطعن أو طلب التقصي للحقائق أو التحقيق ويمكن للمجلس في مثل هذه الحالة أن يتخذ إجراءات مباشرة أو أن يكون لجنة لذلك الغرض.
الأمر الأهم هو لفت النظر إلى أن حق الاحتجاج أو الطعن أو طلب التحقيق لا يجوز ذلك إلا لعضو المجلس بالأصالة وليس لغيره وهنا لابد من التذكير أن المكتب القيادي للحزب ورغم ما ذكرنا في عاليه هو ليس عضوا في مجلس شورى الحزب ولا يحق أو يجوز له مخاطبة مجلس الشورى أو رئيسه إطلاقا مع الإشارة إلى أنه يمكن أن يكون بعض من أعضاء المكتب القيادي (أو حتى من الذين سعوا لاختطافه) أن يكون عضوا في مجلس الشورى له كامل الحقوق وكل الاحترام في ممارسة حقه عبر المنابر والطرق والأساليب السليمة المذكورة فيما هو أعلاه بحسبان أنه عضو في مجلس الشورى وليس لأنه عضو المكتب القيادي، وما حدث من بعض أعضاء المكتب القيادي في هذا الموضوع تُعد سابقة وبدعة خطيرة وجديدة في عمل الحزب، كما أنه يعتبر عدم إدراك ومعرفة بكيفية إدارة المؤسسات الحزبية التشريعية الرقابية لأعمالها.
جل النقاط التي أثاروها واحتجوا بسببها وأثاروا كل هذه الضجة لأجلها، ستُعرض على المجلس في الجلسة القادمة إن شاء الله ليقرر فيها كيفما يشاء ولكن مع التأكيد مباشرة مني شخصياً بوصفي رئيساً للجلسة أن النصاب كان تاما وأن الأعضاء هم الأعضاء لمعرفتي الشخصية لشخصياتهم وأن القرار الذي أصدره كان بمحض إرادتهم وكامل حريتهم.
ورد في البيان المعني أن مجلس الشورى في دورته السابقة كان قد كلف المهندس إبراهيم محمود حامد رئيسا للحزب وليس نائبا لرئيس الحزب، وواضح أن كاتبي البيان من أعضاء المكتب القيادي المختطف أرادوا الإشارة ولفت الإنتباه إلى قرار مجلس الشورى الأخير بتكليف مولانا أحمد محمد هرون نائباً لرئيس الحزب باعتبار أن ذلك ليس من اختصاص الشورى ولم ينتبهوا إلى أن الشوري المقصودة في ١٤/ نوفمبر/ ٢٠٢٤م لم تتخذ هي قرار تكليف أحمد هرون نائباً للرئيس، وإنما أعادت الأمور إلى نصابها باعتمادها لقرار سابق لرئيس الحزب (البشير) صاحب الحق الشرعي والحصري في اختيار نوابه وليس كما فعلوه هم في كل ممارستهم في اختيار رئيس أو نائب رئيس للحزب، وهنا هل لي أن أسأل عن (حقيقة اختيار المكتب القيادي المختطف في اجتماعه الأخير الجمعة الماضية لأحد أعضائه نائبا بديلا لإبراهيم محمود نائب رئيس الحزب أم نائبا لرئيس الحزب إبراهيم محمود، وما هو التكييف القانوني حسب النظام الأساسي للحزب لمثل هذه الاختيارات والتعيينات التي ابتدعوها وهي تهزم كل الحجج التي ساقوها لتبرير موقفهم في هذا الاختلاف برمته وتكشف بشكل فاضح ماذا وراء الستار)؟!!
وواصل كبر: “في الرد على مخاطبة بعض أعضاء المكتب القيادي من الذين اختطفوا الحزب لأعضاء القطاعات وهياكل الحزب، بحثهم على عدم الاعتراف بقرارات شورى الحزب والاستمرار في أعمالهم، ليس لنا هنا غير أن نقول لهم ان نائب رئيس الحزب ورئيس المكتب القيادي لدى مجلس الشورى وكل الأعضاء الملتزمين في الحزب هو مولانا أحمد محمد هرون وله كامل الحقوق والحرية وعليه القيام بكل الواجبات المطلوبة في تسيير وإدارة الحزب تنفيذياً. يكفيني عن الرد في الموضوع أدناه ذلك الارتباك والتناقض الواضح في فقرة تحميل رئيس الشورى المكلف (عثمان كبر) مسؤولية تداعيات البيان الصادر والموقع باسمه أن ذات كتاب ومعدي بيان المكتب القيادي المختطف عادوا بأنفسهم وخاطبوا مجلس الشورى غير المعترف به عندهم، وطالبوه بأنهم سيعملون معه لتأمين وحدة الصف بعد أن أعلنوا عدم اعترافهم به ورفضهم لقراراته وتحميل رئيسه المسؤولية وحسب ما ذكر في القرآن (مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ). يلاحظ أن هذا البيان الذي رددنا له في النقاط أعلاها غير مذيل باسم أي مسؤول من المكتب القيادي (ومن بعد المراجعة تأكدنا أنه صادر عن بعض أعضاء المكتب القيادي)!! ألا يحق لنا أن نسأل لماذا لم يذيل هذا البيان باسم أحد من هؤلاء؟ أو يصدر باسم مؤسسة المكتب القيادي المختطف.! ماذا يعني ذلك.؟!!”.
وشدد كبر، على أن مجلس الشورى قد مارس حقه كاملاً وبنصاب صحيح وكامل كماً وكيفاً في جلسة الدورة التاسعة في يوم ١٤/ نوفمبر/ ٢٠٢٤م، وأنه مسؤول كامل المسؤولية عن قراراتها وكل مخرجاتها وسيحافظ عليها وسيحرص على تنفيذها كاملة.
مؤكداً على أن هذه الممارسة تمت في ظل ظروف استثنائية اكسبتهم الكثير من الملاحظات. وأضاف: “قطعاً سيكون حصاد هذه التجربة أن يضاعف مجلس الشورى جهده وجده وأن يعمل بهمة عالية لإصلاح ما أفسدته الممارسات وسيسعى لسد كل الثغرات والنواقص لإصلاح الممارسة الشورية وتفعيل الدور الرقابي والتشريعي للمجلس وفك وإزالة تدخلات وتداخلات الجهاز التنفيذي للحزب في عمل الشورى وسنعمل لتخصيص ميزانية محددة خاصة بالشورى لإدارة أعمالها دون مؤثرات أو تدخلات تساعد في التغول على أعمال الشورى”.
وأمّن على أن إصلاح الحزب يبدأ من إصلاح جهاز الشورى، وأن أهم معوقات ومشاكل الأحزاب عامة ضعف أجهزة الشورى والمحاسبة والمؤسسية فيها بسبب تأثير وسيطرة الأجهزة التنفيذية في الأحزاب على أجهزة الرقابة والتشريع والمحاسبة وإضعاف دورها. مبيناً أن كل ذلك لن يتم إلا بالاتفاق وبالتعاون مع (المجلس القيادي) والمكتب القيادي الشرعي وبقية أجهزة الحزب.