Fajr Press

جبل “الدِّش”.. قبعة خضراء على رأس الدلنج

الدلنج - عثمان الأسباط

من بين الهضاب المُخضرّة وقطرات المطر النديّة، ومن بين فرجات الغيوم الراحلات يطل جبل (الدِّشْ) شامخاً عند مدخل مدينة الدلنج بجنوب كردفان.
قمة عالية، لكنها ليست كتلك القاحلة من صخور جبال البازلت السوداء، إنها قمة تبدو كحديقة غناء وروضة زاهية الجمال لتبقى متنفساً لحسناء جبال النوبة (مدينة الدلنج)، حيث يتوافد الناس من أجل إنفاق وقت رائع، ينشدون طقسا معتدلا وخضرة تسر الناظرين.

(1)

الجميع يأتون إليه، يصعدون قمته المورقة، من طلاب جامعات، موظفين، وعامة الناس، يأتون إليه حتى في المساء لقضاء أوقات استثنائية في حضرة الخضرة وتحت وقع زخات المطر، يحجّ إليه الطلاب من مختلف نواحي السودان، يأتون بسحناتهم وثقافاتهم المتنوعة ليمنحهم بعض التغيير والترفيه، ويهبهم أشياء كثيرة ومفيدة أهمها تلك الذكريات الجميلة التي ستظل راسخة بين جوانحهم وداخل وجدانهم سنين عددا.

(2)

حينما ضمر معهد المعلمين بالدلنج واضمحل وبقي عيد المعهد السنوي محض ذكرى، مثله مثل تبلدية جعفر محمد عثمان التي قال عنها (ذكرى وفاء وودِ عندي لبنت التبلدي، في كل خفقة قلب وكل زفرة وجد)، فودعها بدمع هدّار وشعر مدرار، مثل تلك الصورة تماماً، ما زال الناس يذكرون التظاهرة الثقافية الفنية العلمية التي تجمع بين طلابه وسكان الدلنج كأروع ما يكون.

(3)

وحيث كان المعهد يكرس للتماسك الاجتماعي، ها هو جبل الدش يفعل ذلك فيقف ملتقى للكثيرين في أمسيات عروس الجبال، ولم تقتصر الزيارات على الطلاب فقط بل للعرسان الذين يزورون المدينة من الحين والآخر نصيب في الذكرى الرائعة.. وجبل الدش بالنسبة لجنوب كردفان بمثابة الساحة الخضراء للخرطوم، والكورنيش لبورتسودان، إنه رئة المدينة التي تتنفس بها، خاصة في فصل الخريف الذي تلبس فيه الطبيعة في كردفان أجمل حليها، ويردد الجميع فرحين رائعة عبد الرحمن عبد الله بأغنية: “بريق المزن يا ماطر أريتك تبقى غاشينا.. واريتك تجبر الخاطر.. ترد الروح على زولاً.. يشيل ليلين ولي باكر..” كأحدث أغنية تعبر عن طبيعة الدلنج وثقافة وأدب جنوب كردفان.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.