Fajr Press

المصارعة السودانية .. اشتباك الأجساد وعراكها في السهلة والنقعة

كردفان - عثمان الأسباط

المصارعة السودانية نوع من أنواع الرياضة المعروفة عالمياً ولكنها لم تتطور لتدخل ضمن الألعاب الأولمبية. وتشتهر بها ولايات كردفان موطنها الأساسي إذ يمارسها الشباب كنوع من إظهار القوة للفوز بقلوب الجميلات ولكنها انتقلت إلى العديد من المدن والقرى خارج حدود الولايات «الأم» بسبب الهجرات المستمرة من منطقة إلى أخرى وفي الخرطوم تُقام مبارياتها أيام الجمع بمدينتي أم بدة والحاج يوسف في أماكن معلومة منذ مطلع السبعينيات.

أصل اللعبة:

يمارس المصارعة السودانية أو «الصُّراع» بالعامية فتيان قبائل النوبة والقبائل العربية بولايات كردفان الكبرى وهي رياضة لاستعراض العضلات شأنها شأن «المصارعة الحرة» المعروفة عالمياً وتعتبر الأشهر من بين الرياضات في تلك المجتمعات وتمتاز بالاقبال الجماهيري الكبير والتعصُّب الذي يفوق تعصُّب مشجعي كرة القدم. وتجرى مبارياتها في الأرياف موسمياً في فصل الخريف و«الدّرت» أي وقت الحصاد- وتُقام المباريات بين القبائل أوالمناطق أو القرى ويفوز فيها الذي يتمتع بمهارات حركية فائقة وقوة جسدية خارقة وتُعد المعسكرات للاعبين أسوة بلاعبي الأولمبياد في العالم وتكون مقفولة ويكلّف بعض المساعدين لخدمتهم ويعرفون ب«السبّارة» يوفرون لهم المأكل والمشرب الطيب الفاخر ويسهرون على راحتهم حتى موعد المباريات المرتبط بأيام الأسواق إذ يحضر الناس من كل حدب وصوب للتسوُّق ومشاهدة المباريات الشائقة وتجرى عصراً في أجواء خريفية وطقس بارد.
المباراة:

يدخل الحلبة غير المُسيَّجة «نقعة» متصارعان برفقة رجل ثالث يُعرف ب«السباري» – أي الحكم- يقوم بوضع قوانين اللعبة ويطبقها وعندما يلتقي الخصمان فإن الذي يُسقط الآخر على الأرض وتسمى السقطة «أردمية» يكون هو الفائز وكل المتصارعين أو «الصراعة» بالعامية يعرفون باسم «الفرّاس» أو الفرسان وتتباهى بهم أماكن إقامتهم في القرى والفُرقان.

تشجيع غريب

عند سقوط المهزوم أرضاً يقوم الناس بحمل الفائز على الأكتاف ابتهاجاً وسروراً بهذا النصر ويطوفون به المكان ويبدأون بالمكان المخصّص لجمهور المهزوم ولكن لا أحد يغضب بل يصفِّق له الجميع.

الزغاريد

ولا يقتصر الحضور على فئة الرجال فحسب، بل هناك عشرات النسوة والفتيات الجميلات يملأن ساحة «الصراع» وعند بداية المباراة يقدمن الأغاني الحماسية على شاكلة «دود الخلا النتّار.. الليلة ولّع نار.. يا صبي ما تقوم جار» لدفع المصارع بالقوة المعنوية حتى يحقق النصر وعندما يتمكن من صرْع خصمه منتصراً يُطلقن الزغاريد ويعطينه (الشبال) بشعرون المسدلة، ويقُمن بتغطيته بالثياب ورشة بالعطور ووضع النقود على رأسه، وتُعرف ب«النقوطة» ويمتد الاحتفال من باحة «الصراع» حتى داخل القرية في كرنفال كبير مع تقافز الصبية وصيحاتهم.

ألقاب رسمية

ولكل مُصارع لقب يشتهر به، منها على سبيل المثال «الكتيبة، أنزره، أم زلليقة، أنزع التيلة، حمرة، أم بحتَيّ، الشّولي، المنيرة، التسوي تلقا» وغيرها من الألقاب الدالة على القوة والفراسة، يُدرك كُنهها الذين يطلقونها. وقد يكون اللّقب وما يعرف ب (المُشكار) أسماً لفتاة بعينها عُرفت بجمالها الأخّاذ يسمى به الفارس ليعلم الجمع أنها له وستصبح أماً لأبنائه.

الختام

عند نهاية المباراة يقوم «السّباري» الذي هو بمثابة الحكم بكسر «عود» قصير إلى نصفين معلناً بذلك نهاية المباراة وهو عُرف سائد منذ أن عرف أهل كردفان الكبرى لعبة المصارعة السودانية ولم يجرؤ أحد على تعديله.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.