تصاعدت أهميته بعد قيام الحرب اللعينة الدائرة حاليًا في السودان. قام المجتمع المدني بدور كبير ذو نتائج واقعية وملموسة، ظهرت في إدانة الانتهاكات التي صاحبت الحرب من قبل المجتمع الدولي، وفي استقطاب المساعدات الإنسانية وتحويلها إلى الشعب السوداني، وفي خفض خطاب الكراهية، وإدانة الحرب وحماية المدنيين، ورصد الانتهاكات.
الواقع أن الأدوار المذكورة أعلاه حوّلت تركيز الفاعلين على الواقع السياسي السوداني من قطاعات أخرى إلى المجتمع المدني السوداني، لتهجينه بالصراعات ومن ثم الانقضاض عليه، وذلك لضمان مستقبلهم ومصالحهم.عملوا على زرع الفتن بأدواتهم القديمة وبعقليتهم التخريبية، هم يعلمون بأن نشوب الصراعات الوهمية سوف يؤدي إلى تقسيم المجتمع المدني إلى فئتين متناحرتين، مصروفتين عن أهدافها الرئيسية إلى تلبية الرغبات الشخصية والانتصارات التوهمية.لذا علينا أن ننتبه جيدًا.
من الجيد هو اختيار المبعوث الأمريكي الحالي العمل مع المجتمع المدني الحقيقي لتنفيذ مهامه بشكل أساسي وغض الطرف عن طرفي الحرب ووكلائهم. فرفع مستوى التنافس الشريف بين مكونات المجتمع المدني السوداني. ولكن من غير الجيد ابتعاث الخوف في نفوس أصحاب المصلحة من طرفي الحرب وجماعاتهم، فوجدوا أن ظروف التنافس قد مهدت الطريق إلى الاستقطابات والانقسامات. فسارع أحد الطرفين في انتهاز الفرصة الثمينة، ونجح في تقسيم المجتمع المدني إلى معسكرين: (معسكر شرق أفريقيا، والمعسكر المصري) وكل منهما تحت زعامة (قائدة).
من المهم أن نظهر موقفنا من منطلق تقديراتنا الشخصية والمؤسسية للواقع، وعلى أن لا نكون أدوات لينة في أيديهم. سوف تنتهي هذه الحرب عاجلًا أو آجلًا، وسوف تتغير الأشياء على إثرها، وسيعود اللاجئون والنازحون إلى ديارهم، ولكن لن يعود الظلم إلى مقره السابق، وانما سيستقر العدل والحرية والسلام في مكان الظلم، وينطلق الكل نحو البناء والتنمية والسلام والديمقراطية.
لم تكن للمجتمع المدني الكلاسيكي (السياسي) أهمية تذكر بحكم تخليه عن وظيفته وانصرافه نحو التحالفات السياسية والعسكرية. انما تكمن الأهمية القصوى الآن للمجتمع المدني السليم الذي تشكله الفاعلين الجدد المنحدرين من شباب الثورات السودانية، الذين يمتلكون أحلامًا نقية وفي ذواتهم وطن منشود، وجلهم من الشباب الأحرار الذين هم خارج سيطرة (الديناصورات) والتابوهات البالية.
المجتمع المدني الحديث بفاعليه الجدد قد أصبح محط أنظار المجتمع الدولي، الذي يأمل في تحقيق السلام والتنمية والحرية والعدالة في السودان، بعيدًا عن أعين خاطفي المعونات والمساعدات المقدمة إلى الشعوب وتحويلها إلى عقارات وشركات ومزارع واستثمارات شخصية خارج السودان. هم الذين يدعمون استمرار النزعات والحروب فيه من أجل استمرار تدفق مصالحهم.
ان المساهمة في فضحهم والسعي إلى الانفكاك من قبضتهم والاعيبهم هي عبارة عن دعمك المباشر لإنسان وطنك وسلامة أرضه وشعبه وتماسك مجتمعه وتحقيق غاياته، وهو دورك المنوط الذي يحتمه عليك واجب الإنسانية والأخلاق، على أن تقوم به دون تحيز وليس دور الانصراف وراء صراعاتهم المصنعة.