شعار *تسقط بس* يحمل في جوهرة محمول ثوري مفاده هو .. النظامُ القائمُ على الظلم يجب *تحطيمه* لأنه نظام لا ينبغي ان نسمح له بأن يستمر ويتطور ويسود كي يدوم إلى الأبد حتى لو إننا نعلم إنه يحمل في أحشائه *بذور* إنهياره وفناءه. الواجب علينا النضال من أجل تفكيكه وتخطيه وتحقيق الحرية والسلام والعدالة لشعبنا وبناء دولة ديمقراطية حداثية يسود فيها نظام العدالة والمساواة لكن ليست العدالة والمساواة بمفهومها الساذج الذي يُستخدم لتسطيح الجماهير، بل نعني العدالة بمفهومها التقدمي والثوري الذي يعني *إستعادة الإنسان السوداني لإنسانيته*. والعدالة تبدأ بهزيمة خطابات الكراهية والعنصرية إبتداءً وومحاصرة وفضح دعاة التقسيم ودعاة الحرب ومعهم جنرالاتها الحرب وكلاء الإستعمار الجديد وهدم مشروعاتهم المستهدفة السودان في وحدة مصيره وتاريخه المشترك ، ثم البناء فوق أنقاضها مشروعاً وطنياً منحازاً بوضوح إلي الكادحين والفقراء والغلابة (وكل المظلومين) في سودان حر وديمقراطي موحد ومتحد ومزدهر ومتطور ولكل أبناءه. الهدف الأعظم يتمحور حول قضية بناء وترسيخ أسس نظام سياسي واقعي حداثي وتقدمي لا يُقاس فيه الإنسان بما يملك ولا بما إلي أي إثنية وديانة ينتمي بل يُقاس فيه الفرد السوداني بما ينتج من *قيمة إنسانية* وبما يمنحه للوطن وللاخرين من حياة.
قلنا ونقول لقد أفل نجم المثقف السوداني وأضمحل دوره وتواري بعيداً عن هموم الناس يهز كتفيه لا مبالي في مشهد سياسي يسيطر عليه الغوغاء والثرثاريين وقليلي المعرفة إنحدروا بالخطاب السياسي إلي الحضيض. أصبح من الواجب على المثقف الثوري أن يتقدم خطوتين بإتجاه الجماهير من أجل تنظيمها ونشر الوعي بين الناس، الوعي الثوري الذي يعيد للكادحين المظلومين من أبناء الشعب السوداني *مرآتهم المفقودة* كي يروا أنفسهم بوعّي كامل كما يروها هم لا كما يراها الاخرون الذين تسلطوا عليهم وأفقروهم ولا يزالون يستغلونهم. تعالوا أيها الفقراء الكادحين، تعالوا أيها الجوعى إتحدوا على كلمة سواء على أن نمد الكف نحو الشمس بالدفء وهتافنا ” *لا للحرب – لا لحكم العسكر* ). علينا أن نعيد هذا الوطن إلي سادته الفقراء دعاة الحرية والسلام والعدالة والشباب مفجري ثورة ديمسبر وأخواتها. الواجب على جميع الكادحين المظلومين في وطني أن يتخلصوا من *الوعي الزائف* الذي يشيعه الطغاة الظلاميين ويدركوا حقيقة أن الفقر الذي يعيشونه *ليس قدراً* ويفهموا أن *غنى* الذين يستغلونهم ليس مهارة ولا شطارة. العمل الذي نعتبره دوماً *مصدراً* لكرامة الإنسان (للمفارقة العجيبة) صار مصدراً *لعبوديته الجديدة* لأن شيوخ الطاغية ينشرون الوعي الزائف وبعض الناس يصدقون كذبة المنافقين وقد صدق من قال “*أن الطاغية مهمته أن يجعلك فقيراً وشيخ الطاقية مهمته أن يجعل وعيك غائباً*”. ولِيَعلم هذا الشعب بمختلف تشكيلاته الإجتماعية بأن الوعي يولد من رحم التجربة لا من التعويذات والتأمل، الوعي يولد من مدافرة الحياة اليومية، من ألم الجوع، من التعب من الاحساس الدائم بأن جهد الكادحين من أجل حياة تُصان فيها كرامتهم حتى اليوم لا يُقابل بالإحترام ولا يُكافأ بما يستحقه. ولكن حين يٌعزز هذا الاحساس بالمعرفة (*معرفة أن الفقر لا يصنع الثورة ولكن الأحساس بالفقر هو الذي يصنع الثورة*) هنا يولد الوعي الطبقي النقيض النافي للوعي الزائف (الوعي الذي يشكل جدار حماية الطغاة والرأسماليين). هذه هي اللحظة الفارقة التي سيفهم عندها الكادحون من أبناء الشعب السوداني إنهم ليسوا وحدهم فثمة قوى ثورية طليعية تتقدمهم تعلمهم وتتعلم منهم ولا تزال ممسكة بجمر القضية ولم تتراجع عن مشروع التغيير الجذري لهذا الواقع الظالم والمُظلم. وعلى الكادحين من أبناء شعبنا أن يدركوا بوعيهم الطبقي الكامل بأن معاناتهم ليست قدراً شخصياً بل هي ظاهرة إقتصادية وإجتماعية تقودها الرأسمالية الطفيلية ووكلاءها المحليين والواجب علينا هزيمتها وتفكيكها وتخطيها. تكمن هزيمة هذا الظاهرة وتخطيها في التلاحكم الجماهيري وتوحيد الجهود والأهداف في جبهة عريضة للسلام والحرية والعدالة ننخرط فيها جميعاً وننتصر فيها جميعاً على الإحباط العام بروح الطليعة الثورية وحتماً سنحول الإحباط إلى وعي طبقي ونحول الوعي الى قوة ثورية عارمة لا ترى الثورة مُجرد إنفجار غضب شعبي ضد المعاناة والجوع في مختلف بلاد اللجوء ومدن وقرى النزوح بل قوي ترى الثورة ثورة وعي طبقي ضد الظلم والظالمين الطغاة. ومعاً سنجعل تلك اللحظة، لحظة تاريخية فارقة هي لحظة استيقاظ وعي كامل يُمَكّن أبناء شعبنا جميعهم من فهم حقيقة أن ما يعيشونه من معانة ليس أمراً طبيعيا يُستسلم له ويسلم به بل في الواقع إنها ظاهرة إجتماعية وإقتصادية عابرة وأنهم قادرون على تغييرها بتحطيمها وتخطيها.
في ذكرى ثورة ديسمبر المجيدة المجد والخلود للشهداء ولجميع شهداء شعبنا الذي قدموا التضحيات العظيمة من أجل تحقيق الحرية والديمقراطية وإستولاد دول العدالة الإجتماعية من رحم الظلم الإجتماعي الإقتصادي. جاءت ثورة ديسمبر كثورة وعي بل ثورة وعـي طبقي ليس لأنها إندلعت من الهامش حيث الفقراء والكادحين فحسب بل لأنها حتى في مركز الوعي والسلطة والثروة لم تترك بيتاً لم تشتعل فيه الهتافات (تسقط بس) مؤكدة حقيقة واضحة بإنها ثورة وعي كامل وقد صدق شباب الثورة حيث قالوا أن الثورة الحقيقية تبدأ في الرأس (*الجيل الراكب راس*) وبالوعي الطبقي قبل الشارع وتتراكم شروطها في الفكرة قبل الفعل وحين تكتمل الشروط ويتشكل الوعي ويتسق مع الواقع الموضوعي يصبح التغيير *حتمياً*.
سنعيد هنا ونكرر مناشدتنا لجماهير شعبنا وقواه الطليعية الثورية الحية بضرورة السمو فوق الصغائر وإختلافاتنا الصغيرة والتجاوز *والتحرر* من أكاذيب شيوخ الطغاة والتسلح بالوعي الطبقي الكامل والإنخراط في الدوائر الصغيرة (*لجان المقاومة*) رئة الثورة ونبضها الذي قد يضعف لكنه لا يموت . فأمامنا معركة التغيير الجذري بالوعي لا بالبندقية والدماء *وفي وعينا المجد للساتك*. السلاح القوي هو الوعي والوعي الحقيقي هو الوعي الطبقي الكامل الذي يوصلنا جميعاً كمظلومين إلي اللحظة التي فيها تنكسر المرآة القديمة، المرآة التي صنعها النظام الظلامي الرجعي الظالم وحلفاءه بهدف أن يخفوا خلفها قبح وجوههم الحقيقيه كوكلاء للطامعين في تدمير بلادنا وسرقة موارده وتاريخه وتراثه وهم يدركون بأن تلك اللحظة الثورية التاريخية الفارقة قادمة لا محال ولا شك فيها وسيفهم شعبنا حين تنكسر تلك المرآة القديمة بالوعي الكامل أن الإصطفاف الحقيقي هو إصطفاف طبقي لا عرقي ولا جهوي ولا ديني وسيرى كل إنسان وجهه كما لم يراه من قبل. قد يراه مُتعباً لكنه سيراه حيّاً مُحتشداً بالثورة وقادراً على الفعل وإحداث التغيير
معاً سننتصر وسنهزم أصوات المدافع وقرقعات البنادق بل سنهزم دعاة الحرب وجنرالاتها والمتكسبين من إستمرارها ونفضح خطابات الكراهية والعنصرية ونقدم البديل الوطني دولة الحرية والمواطنة والعدالة الإجتماعية.
النظام القديم ظل يحاول دائما أن يجدد جلده تحت عناوين جديدة ويغير وجهه ويلبس قناعاً جديداً ليبقي في المشهد مسيطراً عليه كما هو لكن خاب فألهم فثورة ديسمبر كانت الشرارة الحمراء الأولى في وعي هذا الشعب بحقيقة هذا الصراع وبإنه الصراع الطبقي وقد إدرك الانسان السوداني بإنه مظلوم وان هذا الظُلم ليس أمراً طبيعياً وليس قدراً يُسلم به فالشعب أصبح على درجة متقدمة من الوعـي الكامل وقد إستيقظ الوعي الطبقي وسيبدأ التاريخ بالتحرك إلي المستوى الأعلى النافي للنفي. فالقصة ما قصة شقاء أو تعب بل تحولاً عميقاً في بنية العلاقات الجدلية في معنى الوجود ذاته. الانسان السوداني عايش كل الظروف التي تجعله يعي ويفهم إنه لن يقبل بإستغلاله وإعتباره أداه في أيدي الطغاة والطائفيين والقبليين وشيوخهم المأجورين لتحقيق أهدافهم الطبقية في السلطة والثروة بل سيكسر مرآتهم التي صنعوها ويستعيد مرآته ليرى نفسه عزيزة وينخرط في جبهة عريضة للتغيير الجذري.
mhalla45@hotmail.com – December 19, 2025