في بارا مدينة الجمال .. مع الغالي تمر السوق وكسّار قلم مكميك
بارا - عثمان الأسباط
هنا واحدة من أجمل مدن كردفان وأعرقها على الإطلاق.. تتمتع المدينة الصغيرة بميزات ندر أن تتوفر لموقع واحد، قيامها على حوض جوفي يحتوي مليارات الأمتار المكعبة من المياه الجوفية العذبة، أهّلها لأن تكون منطقة زراعية اعتادت أن تسهم بقدر كبير من إنتاج الخضر والفواكه للسوق المحلي في الولاية حتى وقت قريب.
إنها بارا التي اشتهرت بروعة الطقس والهدوء وجمال أهلها وسماحتهم، وهي تمثل منتجعاً سياحياً مصغراً، حيث يقصدها عرسان كردفان لقضاء أجمل الأوقات في حضرة أنين السواقي وطقطقات الطلمبات في جنائن ليمون بارا لكي يتمتعوا بمناظر خلابة حد الروعة والدهشة.
يرى كثير من المؤرخين أن اسم (بارا) مشتق من كلمة البر، سيما وقد وصفت المنطقة بأنها منطقة بر وخير وفير. وهناك من يرى أن الكلمة مشتقة من اسم نبات يسود المنطقة ويطلق عليه بارا. وتشتهر المدينة بمواردها الطبيعية خاصة خام السليكا الموجود في الرمال البيضاء المحيطة بها ويستفاد منه في صناعة الزجاج.
وتعد بارا من مناطق التمازج وتداخل بين قبائل شمال السودان وغربه، ليقدم
يوسف آدم حسب الدائم رائعته التي تغنى بها عبد القادر سالم: (ليمون بارا.. يا اخوانا شيلو الجلالة)، وينشد عبد الرحمن عبد الله: (زارعنو في بارا.. وشايلنو الجمالا.. زولاً ستر حالا
في الغربة البطالة).
مبدعون مرّوا من هنا
قدمت مدينة بارا نجوما سوامق للبلاد في شتى المجالات أشهرهم أسرة شداد التي لازال منزلها موجوداً في المدينة.. ويعتبر البروفيسور والخبير الكروي كمال حامد شداد الأشهر بجانب أشقائه معاوية شداد خبير علم الفلك إضافة إلى مدرب منتخبنا الوطني الأول محمد عبد الله مازدا، محمد جعفر قريش الأمين العام السابق لنادي المريخ فضلاً عن النور عنقرة أحد أبرز أمراء الثورة المهدية، والفنانين صالح الضي ومحمود تاور إضافة الشاعرين محمد عبد الله مريحة وعثمان خالد عثمان الذي كتب الروائع (إلى مسافرة) لعثمان حسين (وسلافة الفن) للبلابل.
دور فاعل في الحركة الوطنية
لعبت مدينة بارا أدواراً تاريخية في تفعيل الحركة الوطنية إبان فترة الاستعمار، حيث تكونت لجنة لمؤتمر الخريجين، وقد زارها الإمام محمد احمد المهدي خلال فترة الدعوة للمهدية، كان النشاط السياسي بالبلدة محصورا آنذاك على تنظيم الندوات السياسية في أحد الأندية (نادي بحر كردفان) وعندما حظرت السلطات الإنجليزية تنظيم تلك الندوات في الأندية انتقل النشاط إلى أماكن المناسبات الاجتماعية والتجمعات الاحتفالية كاحتفالات المولد النبوي.
ومن الأحداث التاريخية المشهودة في بارا ومقاومة أهلها للاستعمار قيامهم بإنزال العلم البريطاني من سارية مبنى الإدارة وحرقه لاحقاً، تاركين العلم المصري دون مساس (كان هناك علمان رسميان في السودان الإنجليزي المصري يرمزان إلى شريكي الحكم الثنائي) وقد أدت هذه الحادثة إلى حالة قلق وانزعاج لدى السلطات البريطانية التي قامت بحملة اعتقالات واسعة في المدينة.
مدينة الجمال
اللافت للنظر تميز بارا بأجمل الحسان في السودان قاطبة، حيث تعتبر فتيات قبلية الركابية الأجمل علي الإطلاق من بين نظيراتهن وجميع حسناوات المدينة يتميزن بالجمال الأخاد ويتفوقن على جميع الصبايا في كردفان الكبرى وينافسن حتى بنات البندر.
السواقي النايحة نص الليل
السواقي في المزارع هي الأخرى تمثل إحدى ميزات بارا، حيث انطلق المشروع منذ زمن بعيد.. وتحتل السواقي الموقع الكبير في مزارع وجنائن المدينة وتعمل على توفير المياه لتنمية الاخضرار وهو ما ميز مهنة الزراعة وجعل من المنطقة الاكثر ثراء في تقديم المنتجات من الفواكه من الليمون، البصل والطماطم وغيرها من المنتجات.
*