على أطراف معسكر كرياندونغو الذي يبعد حوالي “220” كيلومترا عن العاصمة الأوغندية كمبالا تجتمع أماسي إبراهيم وسيدة محمد وملاك وترتيل آدم وتنزيل آدم في زاوية صغيرة تحت شجرة كبيرة يتشاركن بضع أوراق وكتبا ممزقة ويحاولن مراجعة دروسهن في أجواء لا تخلو من الضجيج والتحديات.
وتحكي معاناة الفتيات قصة التحدي والتمسك بالأمل رغم كل الصعاب، الطالبة أماسي وزميلاتها يمثلن وجوها للعديد من اللاجئين السودانيين الذين يحلمون بغد أفضل.
وبدأت أماسي تتحدث بحزن ل ” فجر برس” عن رحلتها الطويلة التي كانت تتمثل في البحث عن الأدوات الدراسية الأساسية مثل الكتب والأقلام للإستمرار في دراستها والإستعداد للإمتحانات.
ولكن الطالبة سيدة محمد قالت ل “فجر برس” أنها تضطر أحيانا إلى المشي مسافات طويلة للعثور على مكان يوفر خدمات الإنترنت الضعيفة حتى تستطيع أن تكمل بحوثها و تجمع مواد دراستها.
وأضافت قائلة أن أكبر التحديات التي تواجههن ليست فقط في نقص الأدوات أو ضعف الإنترنت بل تمتد إلى الحياة داخل المعسكر نفسه فالتفلتات الأمنية تجعل شعورهن بالأمان هشا، بينما تضيف وعورة الطريق بين المعسكر وكمبالا معاناة أخرى عندما تضطر بعضهن للسفر لإكمال متطلبات الدراسة أو الامتحانات.
وتشير الإحصائيات إلى واقع مرير وفقا لوزارة التربية والتعليم السودانية، وبحسب الوزارة سجل للامتحانات الثانوية حوالي 513,000 طالب وطالبة هذا العام لكن 343,644 فقط تمكنوا من الجلوس لها موزعين على 2,300 مركز داخل السودان وخارجه.
وتفيد الوزارة بأن الطلاب من المناطق غير الآمنة بلغ عددهم 120,172 فيما فقد أكثر من 120,000 طالب وطالبة فرصة الجلوس للامتحانات ما يعادل 30% من العدد الإجمالي هذه الأرقام تظهر بوضوح أثر الحرب على التعليم، وانخفضت نسبة الطلاب الجالسين مقارنة بالعام 2022 الذي شهد مشاركة 510,938 طالبا وطالبة.
وأشارت الطالبة ملاك في حديثها ل ” فجر برس” إلى أن من أكبر التحديات التي تواجهها مع زميلاتها هي الأوضاع النفسية قائلة “الحرب في السودان ليست بعيدة عنا نحن نحملها في قلوبنا كل يوم”.
وعلى الرغم من هذه التحديات مضت الطالبة في حديثها معبرة عن فرحتها مع زميلاتها بإكمال العام الدراسي وهو إنجاز استغرق انتظارا دام لأكثر من عامين.
بينما قالت الطالبة ترتيل ل “فجر برس” بابتسامة ممزوجة بالدموع فرحنا بالنجاح لكن قلبنا مع زميلاتنا اللاتي لم يستطعن الجلوس هذا العام.
ومع اقتراب امتحانات مارس القادم تأمل الفتيات أن تعود زميلاتهن إلى الدراسة وأن يعم السلام السودان حتى يتمكن الجميع من العودة إلى ديارهم واستعادة أحلامهم المعلقة.
ولا يزال الطريق طويلة أمام الطالبات ولكنه مليئ بالإصرار والرغبة في تجاوز الألم لبناء مستقبل مشرق لهن يحمل رسالة واضحة حتى في أحلك الظروف يمكن للأمل أن يكون نافذة تطل على حياة أفضل.
ويذكر أن امتحانات الشهادة الثانوية لهذا العام بدأت في 28 ديسمبر 2024 وانتهت اليوم 7 يناير 2025 ولكن هذه الفترة لم تكن سوى محطة قصيرة في مسار طويل من المعاناة اليومية.
فالمعسكرالذي صار موطنا مؤقتا لعشرات الآلاف من اللاجئين السودانيين يعكس الواقع القاسي الذي تعيشه الطالبات.