بحساب الجغرافيا والابعاد الاستراتيجية والجيوإستراتيجية يمكننا القول إن إقليم دارفور غربي السودان يتميز بميزات عديدة، من حيث البعد الجغرافي والسياسي في خارطة الدولة السودانية، ومن بين هذه القيم والميزات أنه يحتوي على ولايات تضم مدنا ذات قيمة إقتصادية وحضارية الشيء الذي يجعلها توصف بالاستراتيجية من خلال الموقع والموضع، والسكان والمقومات من الموارد البشرية والطبيعية والمناخ.
وبالنسبة لمديـنة أم دخن فإننا نجدها واحدة من أهم مدن إقليم دارفور، مدينة أم دخن، حاضرة محلية أم دخن بولاية وسط دارفور، وما تتميز به من أراضٍ خصبه ومحاصيل متنوعة إضافة إلى الموارد البشرية والتنمية المنتظرة، وتقع أم دخن أقصى الجنوب الغربي لولاية وسط دارفور، على الحدود السودانية التشادية، والحدود السودانية وأفريقيا الوسطى قرب المثلث الحدودي بين هذه الدول الثلاث.
وتبعد أم دخن عن مدينة زالنجي حاضرة ولاية وسط دارفور، حوالي (300) ثلاثمائة كيلو متر تقريبا، ويبلغ سكان المحلية بصفة عامة حوالي (483) ألف نسمة، منهم (376) ألف نسمة مستقرين و(107) ألف نازحين من مناطق أخرى، حيث إستقبلت أم دخن في الأونة الأخيرة أعدادا مقدرة من النازحين الوافدين من ولايات (الجزيرة والخرطوم وولاية غرب كردفان) ما يسهم في تفاقم وتأزيم الوضع الإنساني الأمر الذي يتطلب التدخل من المنظمات الدولية لتقديم العون.
وبحسب التقسيم الإداري ، تتكون أم دخن المحلية من أربع وحدات إدارية وهي: (وحدة أم دخن الإدارية، ووحدة كابار الإدارية، وأبو جرادل الإدارية ووحدة مقن الإدارية) وتحتوي أم دخن على عدد من المرافق والمنشآت الخدمية، دور الشرطة والمستشفيات والمراكز الصحية، والإنسانية منذ زمن بعيد تحتاج للتطوير والتأهيل لمواكبة المرحلة المقبلة، وتعتبر مدينة أم دخن بوتقة إنصهار مجتمعي بين المكونات السكانية داخل السودان وتشاد وأفريقيا الوسطى، إذ يوجد بها (36) كيانا إجتماعيا تعيش معا منذ حقب بعيدة شكل ذلك بيئة جاذبة للإستقرار.
ومن ناحية البعد الاقتصادي ، تعتبر أم دخن واحدة من أغنى مدن ولاية وسط دارفور، فهي معبر حدودي وميناء تجاري، بها بورصة ونقطة جمركية، ونشاط إقتصادي وحركة تجارية كثيفة، فضلا عن الموارد الزراعية بشقيها النباتي والحيواني، كما أنها تمتلك مساحات من الغابات تتدرج مابين نطاق السافنا الفقيرة إلى الغنية مما أسهم بشكل مباشر في تعدد وتنوع المنتجات البستانية والغابية.
ومن أشهر أنواع المحاصيل والغلال الدخن التي سميت عليه المدينة، والذرة والسمسم والفول السوداني واللوبيا و”الكريب والجوجو والأرز البلدي” كما أن بها كميات من الثروة الحيوانية (البقر والضأن والماعز) فيما تحتوي بحيرة كيلي على كميات مقدرة من الثروة السمكية، وتتميز بكثافة أشجار القرلي ذات الخشب الصلب الذي يتم استخدامه على نطاق واسع في تشييد المباني البلدية، وبها أكبر زرائب لبيع الأخشاب على رأسها (القنا) وتوجد بها مناحل طبيعية لإنتاج العسل.
ومن المقومات الاقتصادية أيضا لمدينة أم دخن شبكة طرق غير معبدة تربطها ببقية المدن والمناطق الأخرى، طريق أم دخن- رهيد البردي – نيالا، وطريق أم دخن – كابار- بندسي- قارسيلا – زالنجى، وطريق أم دخن – جقمة الغربية- فوربرنقا، وطريق أم دخن – تيسي بدولة تشاد، وطريق أم دخن – أبوجرادل – أندها ودابا بأفريقيا الوسطى، إضافة إلى الأسواق المحلية، أبرزها سوق أم دخن (الثلاثاء) وسوق أبوجرادل والمردف كابار وسللي.
وبما أن مدينة أم دخن تتميز ببعض القيم والميزات الحيوية ، إلا أنها تعاني من هشاشة في البنية التحتية، فهنالك عدد من المشاريع المقترحة لم تجد حظها من التنفيذ أبرزها سد “كيلي” الذي بإمكانه ان يوفر مخزون مياه جوفية تغطي نقص المياه الحاد الذي تعاني منه المدينة في كل عام، لتلافي مهددات شبح العطش حتى اطلق عليها المدينة التي تغرق خريفا وتموت عطشاً في الصيف، فيما تعاني المدينة من تحدي آخر هو مسألة تعزيز الأمن بالمدينة خاصة والمحلية بصفة عامة، ويجب أن تقوم بذلك السلطات الحكومية والأمنية من أجل تحقيق السلام والاستقرار بالمنطقة.
وبالنسبة لآثار الحرب التي تشهدها المنطقة، قال رئيس الإدارة المدنية لمحلية أم دخن العمدة موسى أحمدو إن الحرب ألقت بظلال سالبة على المواطنين، وشمل ذلك تعرض البنية التحتية المنهكة للتخريب والنهب في بعض المرافق الحكومية والخاصة، وشل عجلة الإنتاج وتدهور الوضع الاقتصادي بانعدام الدخل ووسائل الإنتاج، فضلاً عن تأزم الوضع الإنساني، وناشد احمدو المنظمات الدولية والوطنية بالتدخل لمساعدة المواطنين الذين يواجهون ظروف قاسية في الوضع الحالي.
حسناً، يمكن القول أن مدينة أم دخن تعتبر مدينة إستراتيجية، فضلاً عن أنها واحدة من أهم المدن الحدودية في السودان، نظراً لموقعها الجغرافي الاستراتيجي، وتنوعها الاجتماعي، وثرائها بالموارد الطبيعية، ورغم هذه التحديات التي تواجهها، إلا أنها تمتلك إمكانات هائلة للنمو والتطور، إذا ما تم تنفيذ المشاريع التنموية التي تضمن استقرار الحياة فيها وتعزيز دورها كمدينة اقتصادية وتجارية حيوية في إقليم دارفور.